157
الريح الطيبة / ريح اليمن
العام الهجري
العام الميلادي
لم تظهر
حديث صحيح
علامة كبرى
شرح العلامة
أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامة أخرى من علامات الساعة الكبرى وهي تسبق القيامة مباشرة وهي ريح طيبة باردة تقبض أرواح كل من يؤمن بالله سبحانه وتعالى, وذلك ليرحمهم من أهوال يوم القيامة.
أما عن هذه الريح فإنها تأتي من اليمن وهناك روايات أخرى من السنة النبوية إنها ريح تأتي من الشام واليمن معاً وتنبعث في أرجاء الأرض تقيض أرواح المؤمنين أو من كان في قلبه ذرة من إيمان
وفي حديث اخر
في المعجم الاوسط 4/345 : ( لا تقومُ السَّاعةُ على مُؤمِنٍ، يبعَثُ اللهُ ريحًا بَيْنَ يدَيِ السَّاعةِ طيِّبةً فتهُبُّ فلا يَبقَى مُؤمِنٌ إلَّا مات)
وفي حديث اخر:
(لا تقوم الساعة الا على شرار الناس)
وقيل انها ريح باردة طيبه حمراء
صور مرتبطة
الأحاديث التي ذكرت العلامة
حديث ضعيف
سنن الترمذي
2211
إذا اتُّخِذَ الفيْءُ دُوَلًا والأمانةُ مغنمًا والزكاةُ مغرمًا وتُعُلِّمَ لغيرِ الدِّينِ وأطاع الرجلُ امرأتَهُ وعقَّ أُمَّهُ وأدنى صديقَهُ وأقصى أباهُ وظهرتِ الأصواتُ في المساجدِ وسادَ القبيلةَ فاسقهم وكان زعيمُ القومِ أرذلهم وأُكْرِمَ الرجلُ مخافةَ شرِّهِ وظهرتِ القَيْنَاتُ والمعازفُ وشُرِبَتِ الخمورُ ولَعَنَ آخرُ هذهِ الأُمَّةِ أوَّلها فليَرتقبوا عند ذلكَ ريحًا حمراءَ وزلزلةً وخسفًا ومسخًا وقذفًا وآياتٍ تتابَعُ كنظامٍ بالَ قُطِعَ سلكُهُ فتتابعَ
(إذا اتخذ) بصيغة المجهول أي إذا أخذ.
(الفيء) أي الغنيمة .
(دولا) بكسر الدال وفتح الواو ويضم أوله جمع دولة بالضم والفتح ، أي : غلبة في المداولة والمناولة. أي إذا كان الأغنياء وأصحاب المناصب يستأثرون بحقوق العامة، أو يكون المراد منه أن أموال الفيء تؤخذ غلبة.
(الامانة مغنما) وھذه ذات معان كثیرة منھا أن یخون المؤمن في أمانته التي اؤتمن علیھا فینكرھا أو یتصرف فیھا كما یتصرف الغانم في غنیمته.
(الزكاةُ مغرمًا) فیؤدیھا كأنھا غرامة وضریبة خسرھا لا یؤدیھا بطیب نفس واحتساب أجر وتعبد.
(وتُعُلِّمَ لغيرِ الدِّينِ) بصيغة المجهول من باب التفعل - أي يتعلمون العلم لطلب المال والجاه لا للدين ونشر الأحكام بين المسلمين لإظهار دين الله.
(وأطاع الرجلُ امرأتَهُ وعقَّ أُمَّهُ) أن یطیع الرجل امرأته ویعق أمه .. فإذا أمرته زوجته بشيء لبى جمیع طلبھا سریعًا وإذا أمرته أمه به أعرض أو تثاقل.
(وأدنى صديقه وأقصى أباه) أي قربه إلى نفسه للمؤانسة والمجالسة وأبعد اباه ولم يستصحبه ولم يستأنس به.
(وظهرت الأصوات في المساجد) ظھور الأصوات في المساجد حتى تصبح لا قیمة لھا ولا احترام یزعق الناس فیھا ویصرخون كما یزعقون في بیوتھم وأسواقھم غیر مبالین ببیوت الله التي بنیت لعبادته.
(وساد القبيلة فاسقهم) أن يسود القبيلة فاسقهم أي أن يكون الفاسق العاصي لله ورسوله سيد قبيلته . إما لظهور الفسق فيهم ، وكونه ذا قيمة في نفوسهم ، فيكون السيد فيهم من بلغ غاية الفسق . وإما لكون الدين لا أثر له في السيادة والقيادة والأثر كله للمال والجاه فصاحبهما هو السيد وإن كان فاسقا .
(زعيم القوم ارذلهم) أن يكون زعيم القوم أرذلهم والزعيم الرئيس وكان ينبغي له أن يكون أعلى قومه دينا وخلقا ورجولة وشهامة ولكن تنعكس الأمور فيكون أرذل القوم في ذلك .
(وأُكْرِمَ الرجلُ مخافةَ شرِّهِ) أن يكرم الرجل مخافة شره فلا يكرم الرجل لأنه أهل للإكرام في دينه أو خلقه أو جاهه أو إحسانه إلى الناس بل هو خال عن ذلك كله فليس أهلا للإكرام ولكن لشره وعدوانه يكرمه الناس خوفا منه.
( وظهرت القينات والمعازف) قيل الإماء المغنيات .. أو ظهور آلات العزف والطرب . ولقد ظهرت القنيات والمعازف في زمننا الحاضر ظهورا فاحش.
(وشُرِبَتِ الخمورُ ) الخمر
(ولَعَنَ آخرُ هذهِ الأُمَّةِ أوَّلها) لعنوا الاولياء والخلفاء
(فليَرتقبوا عند ذلكَ ريحًا حمراءَ) ريح حمرا في نهاية الزمان
(وزلزلةً وخسفًا ومسخًا وقذفًا) .. زلزلة أي حركة عظيمة للأرض .. وقذفا أي رمي حجارة من السماء
(وآياتٍ تتابَعُ كنظامٍ بالَ قُطِعَ سلكُهُ فتتابعَ) كالسبحة عندما تنقطع
حديث صحيح
صحيح مسلم
2901
كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ.
قالَ شُعْبَةُ: وَحدَّثَني عبدُ العَزِيزِ بنُ رُفَيْعٍ، عن أَبِي الطُّفَيْلِ، عن أَبِي سَرِيحَةَ، مِثْلَ ذلكَ، لا يَذْكُرُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ أَحَدُهُما في العَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ في البَحْرِ.
يَقُول حُذَيْفَةُ بنُ أَسِيدٍ رضِي اللهُ عنه: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في غُرفةٍ- أي: مكانٍ عالٍ- ونحن أسفلَ مِنه، فاطَّلَع إلينا فقال: ما تَذكُرون؟ أي: بعضُكم مع بعضٍ؟ قلنا: السَّاعَةَ، أي: أَمْرَ القِيامةِ واحتمالَ قيامِها في كلِّ ساعةٍ، قال: إنَّ الساعةَ لا تكون- أي: لا تقوم- حتَّى تكونَ عشرُ آياتٍ، أي: حتَّى تقَعَ أو توجدَ عَشرُ علاماتٍ:
خَسْفٌ بالمَشرِقِ، وخسفٌ بالمَغْرِبِ، وخسفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولعلَّ هذه الخُسوفَ الثلاثةَ لم تَقَعْ إلى الآنَ والله أعلم.
والدُّخَانُ، وهو الذي ذُكِر في قولِه تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدُّخَان: 10]، وهو دُخَانٌ يَأخُذ بأَنْفاسِ الكُفَّارِ، ويَأخُذ المؤمِنين منه كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ.
والدَّجَّالُ: مَأْخُوذ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب، والدَّجَّالُ شخصٌ بِعَيْنِه ابتَلَى الله به عبادَه، وأَقْدَرَه على أَشْياءَ مِن مَقدُوراتِ الله تعالى: مِن إحياءِ الميتِ الذي يَقتُله، وظُهورِ زَهْرَةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْه، واتِّباعِ كُنُوزِ الأرضِ له، وأَمْرِه السماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ، فيَقَع كلُّ ذلك بقُدْرَةِ الله تعالى ومَشِيئَتِه، ثُمَّ يُعجِزُه الله تعالى بعد ذلك، فلا يَقدِرُ على قتلِ ذلك الرجلِ ولا غيرِه، ويَبطُل أمرُه، ويَقتُله عِيسَى صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُثبِّتُ اللهُ الذين آمَنُوا.
ودَابَّةُ الأرضِ، وهي المذكورةُ في قولِه تعالى: {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النَّمْل: 82]، وهذه الدَّابَّةُ تَخرُج في آخِرِ الزَّمَانِ عندَ فَسَادِ الناسِ وتَرْكِهم أوامرَ الله وتَبْدِيلِهِمُ الدِّينَ الحقَّ، فيُخرِج اللهُ لهم دابَّةً مِن الأرض، قِيل: مِن مَكَّةَ، وقِيلَ: مِن غيرِها.
ويَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ، أي: يُفْتَحُ السَّدُّ الذي أَنْشَأَه ذو القَرْنَيْنِ، وهما قَبِيلَتان مِن جِنْس الناس.
وطُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغْرِبِها.
ونَارٌ تَخرُج مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ، أي: أَقْصَى قَعْرِ أرضِ عَدَنٍ، وعَدَنٌ: مدينةٌ سَاحِليَّةٌ مَعرُوفةٌ في جنوبِ اليَمَن، «تَرْحَلُ الناسَ»، أي: تَأخُذهم بالحَشْر والرَّحِيل.
قال شُعْبَةُ: وحدَّثنِي عبدُ العَزِيزِ بنُ رُفَيْعٍ عن أبي الطُّفَيْلِ عن أبي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذلك، لا يَذكُر النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال أحدُهما في العاشرةِ: نُزُولُ عِيسَى بنِ مَرْيَمَ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ، حَكَمًا عَدْلًا.
وقال الآخَرُ: ورِيحٌ تُلْقِي الناسَ في البَحْر، أي: رِيحٌ شديدةُ الجَرْيِ، سَرِيعَةُ التأثيرِ في إلقائِها إيَّاهم في البَحْر، وهو مَوضِع حَشْرِ الكُفَّارِ، أو مُسْتَقَرُّ الفُجَّارِ.
في الحديثِ: بيانُ بعضِ علاماتِ الساعةِ.
وفيه: إخبارُه صلَّى الله عليه وسلَّم عَنِ المُغَيَّباتِ
حديث صحيح
صحيح مسلم
2937
ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما لَبْثُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ.
وفي رواية اخرى : وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ، وَهو جَبَلُ بَيْتِ المَقْدِسِ، فيَقولونَ: لقَدْ قَتَلْنَا مَن في الأرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَن في السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عليهم نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا
وفي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: فإنِّي قدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَيْ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ.
«ذَكَر الدَّجَّالَ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب، والدَّجَّالُ: شخصٌ بِعَيْنِه ابتَلَى الله به عبادَه،
«ذاتَ غَدَاةٍ»، أي: في غَدَاةٍ، والغَدَاةُ: ما بينَ الفَجْرِ وطُلوعِ الشَّمْسِ،
«فخَفَّضَ فيه ورَفَّعَ»، أي: مِن كثرةِ ما تَكلَّم فى أمْره خَفَّض صَوْتَه مرَّةً؛ لطولِ الكلامِ وراحةِ تعبِه، ورفَع صوتَه مرَّةً لتبليغِ مَنْ يأبَى عنه وإسماع مَن بَعُد، أو يكون المعنى: بَيَّنَ مِن شأنِه ما هو حَقِيرٌ وما هو رَفِيعٌ جَلِيل كَبِير،
«حتَّى ظَنَنَّاه في طائِفَة النَّخْلِ، فلمَّا رُحْنا إليه عَرَف ذلك فينا»، فسألهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما شأنُكم؟» فأجابوه: «يا رسولَ الله، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فخَفَّضْتَ فيه ورَفَّعْتَ؛ حتَّى ظَنَنَّاهُ في طائفةِ النَّخْل»، أي: ناحِيَتِه وجانِبِه،
فقال: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عليكم»، أي: إنِّي أخافُ على أُمَّتِي غيرَ الدَّجَّالِ أكثرَ مِن خَوْفِي إيَّاه،
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنْ يَخرُج وأنا فِيكُم، فأنا حَجِيجُه دُونَكم»، أي: خَصْمُه الذي يُحَاجُّه ويُقِيمُ عليه الحُجَّةَ،
«وإن يَخْرُجْ ولستُ فِيكُم، فامْرُؤٌ حَجِيجُ نفسِه»، أي: فكلُّ امْرِئٍ يُحَاجُّه ويُحَاوِرُه ويُغَالِبُه لِنَفْسِه،
«واللهُ خَلِيفَتِي على كلِّ مُسلِم»، أي: اللهُ وَلِيُّ كلِّ مُسلِم وحَافِظُه، فيُعِينُه عليه ويَدْفَعُ شَرَّهُ،
«إنَّه شابٌّ قَطَطٌ»، أي: شديدُ القِصَر، وقيل: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ،
«عَيْنُه طافِئَةٌ»، أي: مُرتَفِعَة،
«كأنِّي أُشَبِّهُه بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ» وهو رَجُلٌ مِن خُزَاعَةَ مات في الجَاهِلِيَّةِ،
«فمَن أَدْرَكَه منكم فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورةِ الكَهْفِ»، أي أول سورة الكهف
«إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بينَ الشَّامِ والعِرَاقِ»، أي: خارجٌ في خَلَّةٍ وهي الطَرِيق بينَ هاتين الجِهتينِ، والخَلَّةُ: مَوْضِع صُخُور،
«فعَاثَ يَمِينًا وعَاثَ شِمَالًا» وهو الإسراعُ والشِّدَّة في الفَسَاد،
«يا عِبَادَ الله، فاثْبُتُوا»، لاتهتزوا في ايمانكم
فسَأَل الصحابةُ: «وما لُبْثُه في الأرضِ؟» فأجابهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَرْبَعُونَ يومًا، يومٌ كَسَنَةٍ، ويومٌ كَشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمُعَةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكُم»،
فسألوا: «يا رسولَ الله، فذلك اليومُ الذي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينا فيه صلاةُ يومٍ؟ قال: لا، اقْدُرُوا له قَدْرَه» وذلك بأنْ يُصَلُّوا في قَدْرِ كلِّ يومٍ وليلةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ؛ فتَجْتَمِعُ في ذلك اليومِ الواحِدِ صلاةُ سَنَةٍ كاملةٍ، ومعناه: أنَّ امتدادَ ذلك اليومِ بهذا القَدْرِ مِن الطُّولِ يكونُ حَقِيقِيًّا، لا أنَّ الناسَ يَظُنُّونَه كذلك لِأَجْلِ ما هُم فيه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ لِأَجْلِ المُصِيبَةِ والفَسَادِ.
فسألوا: «يا رسولَ الله، وما إسراعُه في الأرضِ؟ قال: كالغَيْثِ» والمرادُ به: الغَيْمُ، أي: يُسرِعُ في الأرضِ إسراعَ الغَيْمِ
«اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ»، أي: جاءَتْه الرِّيحُ مِن خَلْفِه،
«فيَأْتِي على القومِ فيَدْعُوهُم، فيُؤمِنون به ويَستجِيبُون له، فيَأْمُرُ السماءَ فَتُمْطِرُ، والأرضَ فتُنبِتُ»، وذلك بقدرة الله
«فتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهم أَطْوَلَ ما كانت ذُرًا»، أي: تَرْجِعُ مَسَاءً مَوَاشِيهم أَسْنِمَ مما كانت
«وأَسْبَغَه ضُرُوعًا»، اسبغة أي: أكمَلَه .. و ضُرُوعًا والضَّرْعُ مِن الحيوان بِمَنْزِلَةِ الثَّدْيِ مِنَ المرأةِ، والمقصود الثدي ممتلئ بالحليب
«وأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ»»، أي: أَطْوَلَه أو أَوْسَعَه .. والخواصر أطرافُ البَطْن،
«ثُمَّ يَأْتِي القومَ فيَدْعُوهم، فيَرُدُّونَ عليه قولَه، فيَنصَرِف عنهم، فيُصبِحون مُمْحِلِينَ»، أي: مُصابِين بالقَحْطِ والجَدْبِ
«ليس بأيديهم شيءٌ مِن أموالِهم»، أي يفتقرون
«ويَمُرُّ بِالخَرِبَةِ» وهي الأرضُ غيرُ المَعْمُورَةِ،
«فيقول لها: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فتَتْبَعُه كُنُوزُها كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» واليَعَاسِيبُ: جمعُ يَعْسُوبٍ، وهو ذَكَرُ النَّحْلِ وأَمِيرُها، والنَّحْلُ تَطِيرُ جُنُودًا مُجنَّدةً وراءَ أَمِيرِها وتَذهب حيثُ ذَهَب، فكأنَّه قال: كما تَتْبَعُ النحلُ يَعَاسِيبَها،
«ثُمَّ يَدْعُو رجلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فيَضْرِبُه بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُه جَزْلَتَيْنِ»، أي: قِطْعَتَيْنِ
«رَمْيَةَ الغَرَضِ»، أي: يَجْعَل بينَ الجَزْلَتَيْنِ مِقدارَ ما بينَ مَكَانِ رَمْيَةِ السَّهْمِ وبينَ الهَدَفِ،
«ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقبِل ويَتَهَلَّلُ وجهُه، يَضْحَكُ»، أي يعود للحياه
«فبَيْنما هو كذلك إذ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ بنَ مَرْيَمَ، فيَنْزِلُ عندَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ»، أي: لَابِسًا مَهْرُودَتَيْنِ، يعني: ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ،
«واضِعًا كَفَّيْهِ على أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأْطَأَ رأسَه قَطَرَ،»، أي: نَزَلَ قَطْرَةً بعدَ قَطْرَةً
«وإذا رَفَعَه تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤِ»، والجُمَانُ: حَبَّاتٌ مصنوعةٌ مِن الفِضَّةِ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ الكِبَارِ، والمُرادُ: يَتحدَّر منه الماءُ أو العَرَقُ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ في الصَّفَاءِ والحُسْنِ،
«فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إلَّا مات، ونَفَسُه يَنتهِي حيثُ يَنتهِي طَرْفُه»، أي: لا يُمْكِنُ ولا يَقَعُ
«فيَطْلُبُه»، أي: فيَطْلُبُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ
«حتَّى يُدْرِكَه ببابِ لُدٍّ» اسمِ قَرْيَةٍ في فِلَسْطِينَ
«فيَقْتُلُه، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى بنَ مَرْيَمَ قومٌ قد عَصَمَهم الله منه، فيَمْسَحُ عن وُجوهِهم»، أي: يَرْحَمُهم ويُواسِيهم ويَتَلطَّف بهم
«ويحدِّثهم بدَرَجاتِهم في الجَنَّةِ، فبَيْنما هو كذلك إذ أَوْحَى الله إلى عِيسَى: إنِّي قد أَخْرَجْتُ عِبَادًا لي لا يَدَانِ لأحدٍ بقتالِهم»، أي: لا قُدرةَ ولا طاقةَ لاحد بقتلهم
«فحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ»، أي: ضُمَّهُم واجْمَعْهُم واجْعَلْه حِرْزًا لهم، والطُّورُ: جَبَلٌ معروفٌ في سَيْنَاءَ،
«ويَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وهم مِن كُلِّ حَدَبٍ»، أي: مِن كلِّ أَكَمَةٍ وموضعٍ مُرتَفِعٍ
«يَنسِلُون»، أي: يَمْشُونَ مُسرِعينَ،
«فيَمُرُّ أوائلُهم على بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فيَشْرَبُونَ ما فيها،» بحيرة طبرية هي بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في فلسطين التاريخية (إسرائيل حاليًا) وهضبة الجولان في سوريا، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن.
«ويَمُرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ،» اي لا يجدوا بها ماء
«ويُحْصَرُ نَبِيُّ الله عِيسَى وأصحابُه،» أي يحبس
«حتَّى يكونَ رأسُ الثَّوْرِ لأحدِهم خيرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأحدِكم اليومَ»، أي: تَبْلُغُ بهم الفَاقَةُ إلى هذا الحَدِّ، وإنَّما ذَكَر رأسَ الثَّوْرِ لِيُقَاسَ البقيَّةُ عليه في القِيمة،
«فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه»، أي: إلى الله، فيَتضرَّعون له ويَدعُونه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ،
«فيُرْسِل اللهُ عليهم النَّغَفَ» وهو دُودٌ يكونُ في أُنُوفِ الإِبِلِ والغَنَمِ
«في رِقَابِهم، فيُصبِحون فَرْسَى» أي قَتْلَى «كمَوْتِ نَفْسٍ واحدةٍ»، أي: يَمُوتون كلُّهم كموتِ نفسٍ واحدةٍ،
«ثُمَّ يَهبِط نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الأرضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ ونَتْنُهُمْ»، أي: دَسَمُهُم ورائحتُهم الكريهة المُنْتِنَة،
«فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الله»، أي: فيَتَضرَّعون له ويَدْعُونَه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ،
«فيُرْسِلُ الله طيرًا كأَعْنَاقِ البُخْتِ»، أي: كأعناقِ الإِبِلِ البُخْتِ، وهي الإِبِلُ التي تُنْتَجُ مِن عَرَبِيَّةٍ وغيرِ عَرَبِيَّةٍ، وتكونُ طِوَالَ الأعناقِ،
«فتَحْمِلُهم فَتَطْرَحُهم حيثُ شاء الله»، ترميهم في مكان غير معروف
«ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ منه»، أي: لا يَسْتُرُ، يعني: لا يَمْنَعُ مِن نُزولِ الماءِ «بيتُ مَدَرٍ» وهو الطِّينُ الصُّلْبُ «ولا وَبَرٍ» والوَبَرُ لِلْإِبِلِ بمنزلةِ الشَّعْرِ لِلْمَعْزِ وبمنزلةِ الصُّوفِ للضَّأْنِ،
«فيَغْسِلُ الأرضَ حتَّى يَتْرُكَها كالزَّلَفَةِ» وهي المِرْآةُ، والمرادُ: أنَّ الماءَ يَعُمُّ جميعَ الأرضِ بحيث يَرى الرائي وجهَه فيه،
«ثُمَّ يُقَالُ للأرضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، ورُدِّي بَرَكَتَكِ،» اخرجي بركاتك
«فيَومئذٍ تَأكُل العِصَابَةُ»، أي: الجماعةُ «مِنَ الرُّمَّانَةِ، ويَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِها»، أي: بقِشْرِها،
«ويُبَارَكُ في الرِّسْلِ»، أي: اللَّبَنِ
«حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ .. لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ الناس»، أي: النَّاقَةَ ذاتَ اللَّبَنِ تكفي الجماعةَ الكبيرةَ
«واللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ .. لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِن الناسِ» أي: البقر ذاتَ اللَّبَنِ يكفي قبيلة .. والقبيلة اصغر من الفئام
«واللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ .. لَتَكْفِي الفَخِذَ مِن الناسِ» أي: الغنم ذاتَ اللَّبَنِ يكفي الأقارِبُ الذين يَنتسِبون إلى جَدٍّ قريبٍ، والمقصود عائلة كبيرة،
«فبَيْنَما هم كذلك إذ بَعَث الله رِيحًا طَيِّبَةً، فتَأْخُذَهم تحتَ آباطِهِم، فتَقبِض رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مُسلِمٍ،» يموت المسلمون جميعا
«ويَبْقَى شِرَارُ الناسِ يَتَهَارَجُونَ فيها تَهَارُجَ الحُمُرِ»، الحمر أي الحمير ..
«فعَلَيْهِم تقومُ الساعةُ»، أي: لا على غيرِهم.
وفي روايةٍاخرى : وزاد بعد قولِه: «لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ»: «ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ»، والخَمَرُ: هو الشَّجرُ المُلْتَفُّ الذي يَستُر مَن فيه، وهو جَبَلُ بيتِ المَقْدِسِ، «فيقولون: لقد قَتَلْنَا مَن في الأرضِ، هَلُمَّ» أي تَعَالَ «فَلْنَقْتُلْ مَن في السماءِ، فيَرْمُونَ بِنُشَّابِهم» أي سِهَامِهم «إلى السماءِ» أي إلى جِهَتِها، «فيَرُدُّ الله عليهم نُشَّابَهم مَخْضُوبَةً دَمًا»، أي: مَصْبُوغَةً دَمًا.
وفي روايةِ ابنِ حُجْرٍ: «فإنِّي قد أَنْزَلْتُ عِبَادًا لي، لا يَدَيْ لأحدٍ بقِتالهم».
حديث صحيح
صحيح مسلم
2940
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقالَ: ما هذا الحَديثُ الذي تُحَدِّثُ بهِ؟ تَقُولُ: إنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إلى كَذَا وَكَذَا، فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَوْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا، لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أُحَدِّثَ أَحَدًا شيئًا أَبَدًا، إنَّما قُلتُ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا، يُحَرَّقُ البَيْتُ، وَيَكونُ وَيَكونُ، ثُمَّ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، لا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأنَّهُ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، ليسَ بيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبْقَى علَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ، أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه، حتَّى تَقْبِضَهُ قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لهمُ الشَّيْطَانُ، فيَقولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فيَقولونَ: فَما تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قالَ: وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ، أَوْ قالَ يُنْزِلُ اللَّهُ، مَطَرًا كَأنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ، نُعْمَانُ الشَّاكُّ، فَتَنْبُتُ منه أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إلى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولونَ، قالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فيُقَالُ: مِن كَمْ؟ فيُقَالُ: مِن كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، قالَ فَذَاكَ يَومَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا، وَذلكَ يَومَ يُكْشَفُ عن سَاقٍ.
جاء رجلٌ إلى عبدِ الله بن عَمْرٍو فقال: «ما هذا الحديثُ الذي تحدِّث به؛ تقولُ: إنَّ الساعةَ تقومُ إلى كذا وكذا؟!»،
فقال عبدُ الله: «سبحانَ الله! أو لا إلهَ إلَّا اللهُ! أو كلمةً نحوَهما، لقد هَمَمْتُ»، أي: عَزَمتُ على «ألَّا أحدَّثَ أحدًا شيئًا أبدًا، إنَّما قلتُ: إنَّكم سَترَوْن بعد قليلٍ أمرًا عظيمًا،»
«يُحرَّقُ البيتُ»، أي: الكَعْبَة «ويكونُ ويكونُ،»
ثُمَّ قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:« يَخرُج الدَّجَّالُ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب،
«فيَمكُث أربعينَ» قال الراوي: «لا أدري أربعين يومًا أو شهرًا أو عامًا. فيَبعث الله عِيسَى بنَ مَرْيَمَ» أي فيَنزِل مِن السماء
«كأنَّه عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ» أي في صورةِ الثَّقَفِيُّ،
«فيَطلُبه» أي فيَطلُب عِيسَى الدَّجَّالَ
«فيُهلِكُه» يقتله بِحَرْبَةٍ،
«ثُمَّ يَمكُث الناسُ سَبْعَ سِنينَ ليس بينَ اثنينِ عَدَاوَةٌ»؛ وذلك لقوَّةِ الإيمانِ والأمانةِ والرَّخاءِ في الأموالِ،
«ثُمَّ يُرسِل الله رِيحًا باردةً من قِبَلِ الشَّأْمِ» أي من جانِبِ الشام
«فلا يَبقَى على وجهِ الأرضِ أحدٌ في قلبِه مِثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلَّا قَبَضَتْه»، أي: أخَذتْ رُوحَه تلك الرِّيحُ
«حتَّى لو أنَّ أحدَكم دَخَل في كَبِد جَبَلٍ»، أي: في وَسَطِه وجَوْفِه
«لَدخلَتْه عليه حتَّى تَقبِضَه» أي دخلت عليه تلك الرِّيح تَقبِضَ رُوحَه فيَمُوتَ.
«فيَبقَى شِرارَ الناسِ في خِفَّةِ الطيرِ»، أي: اضطرابِها ونُفورِها بأَدْنَى توهُّم
«وأحلامِ السِّباعِ»، أي: في عقولِ السِّباع الناقصةِ، فالغالبُ عليهم الطَّيْش والغَضَب والوَحشةُ والإتلافُ وقِلَّةِ الرَّحمةِ،
«لا يَعرِفون معروفًا ولا يُنكِرون مُنكَرًا»، بل يَعكِسون ذلك فيما يفعلون،
«فيَتمثَّل لهم الشيطانُ»، أي: يتصوَّر لهم بصورةِ إنسانٍ
«فيقول: ألَا تَستجِيبون؟ فيقولون: فما تأمُرنا؟» أيْ: فأيَّ شيءٍ تأمُرُنا لِنُطِيعَك فيه؟
«فيأمُرُهم بعبادةِ الأوثانِ،» يعبدون الاصنام
«وهم في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ،، أي: والحالُ أنَّهم فيما ذُكِر مِن الأوصافِ الرديئةِ والعباداتِ الوَثَنِيَّةِ كثيرٌ
«ثُمَّ يُنفَخ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعه أحدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا»، أي: أَمَال صَفْحَةَ عُنُقِه خوفًا ودَهْشَةً «ورَفَع لِيتًا»، والمراد منه: أنَّ السامعَ يُصعَقُ، فيُصغِي لِيتًا ويَرفع لِيتًا،
«وأوَّلُ مَن يَسمَعه رجلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِه،»، أي: يُطيِّنُ ويُصلِح
«فيَصعَقُ ويَصْعَقُ الناسُ»،
«ثُمَّ يُرسِل الله مَطَرًا كأنَّه الطَّلُّ»، أي: المَطَرُ الضَّعيفُ القَطْرِ،
«فتَنبُت منه» بسَببِه «أجسادُ الناسِ»، أي: النَّخِرَةُ في قُبورِهم،
«ثُمَّ يُنفَخ فيه أُخرَى فإذا هُم قِيامٌ يَنظُرون،» النفخة الثانية
«ثُمَّ يُقال: يا أيُّها الناسُ، هَلُمَّ»، أي: تَعالَوْا أو ارجِعوا وأَسرِعوا إلى ربِّكم
«وقِفُوهم إنَّهم مسؤولون» أي احبِسوهم
«ثُمَّ يُقال: أَخرِجوا»، أي: مَيِّزوا مِمَّا بينَ الخلائقِ «بَعْثَ النارِ»، أي: مبعوثَها، بمعنى: مَن يُبعَث إليها،
«فيُقال: مِن كَمْ؟»، أي: يَسألُ المخاطَبون عن العَدَدِ المبعوثِ إلى النارِ، فيقولون: كَمْ عددًا نُخرِجه مِن كَمْ عددٍ؟
«فيُقال: مِن كلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئةٍ وتِسعةً وتسعين»، أي: أخرِجوا للنارِ مِن كلِّ ألفٍ تِسْعَ مئةٍ وتسعةً وتسعين، وهذا مِن جميعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بما فيهم يأجوجُ ومأجوجُ، فيكونُ مِن كلِّ ألفٍ واحدٌ يَدخُل الجَنَّةَ،
وقد جاءَ في رواياتٍ أُخرى للحديثِ أنَّ ذلِك كَبُرَ على الصَّحابةِ وعظُم عليهم، وقالوا: أيُّنا ذلك الواحد؟! فقال لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَبشِروا؛ فإنَّكم في أُمَّتَينِ ما كانتَا في شيءٍ إلَّا كثَّرتاه؛ يأجوج ومأجوج؛ مِنكم واحدٌ، ومن يأجوج ومأجوج ألف، فاستبشر الصحابةُ بذلك. وقوله: (فذلك)، أي: فهذا الوقتُ يومَ يَجعَل أي: يُصيِّر فيه الولدانَ، أي: الصِّبيان "شِيبًا"، أي: يُبيِّضُ شَعرَهم مِن هَوْلِ المَوقِف، «وذلك أي: أيضًا «يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ»، أي: يَوْمَ يُكشَف عن حَقائقِ الأُمورِ وشدائدِ الأهوالِ.