تفاصيل الحديث
صحة الحديث
المحدث
الراوي
المصدر
الرقم
حديث صحيح
البخاري
عدي بن حاتم الطائي
صحيح البخاري
3595
بيْنَا أنَا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلتُ: لَمْ أرَهَا، وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ، - قُلتُ فِيما بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِي فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قدْ سَعَّرُوا البِلَادَ -، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى، قُلتُ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَن يَقْبَلُهُ منه فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُهُ منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحَدُكُمْ يَومَ يَلْقَاهُ، وليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ له، فَلَيَقُولَنَّ له: ألَمْ أبْعَثْ إلَيْكَ رَسولًا فيُبَلِّغَكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فيَقولُ: ألَمْ أُعْطِكَ مَالًا وأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عن يَمِينِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ، ويَنْظُرُ عن يَسَارِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ فمَن لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ لا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ، وكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ ولَئِنْ طَالَتْ بكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ ما قَالَ النبيُّ أبو القَاسِمِ: صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ.
يَحكي عدِيُّ بنُ حاتمٍ الطَّائيُّ رضي الله عنه أنَّه قال: بينا أنا عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذ أتاه رجلٌ
(فشكَا إليه الفاقةَ) أي الحاجة.
(ثمَّ أتاه آخرُ فشكَا إليه قَطْعَ السَّبيلِ) أي قطع الطَّريقِ مِن طائفةٍ يترصَّدون في المكامنِ لأخذِ المالِ، أو لغير ذلك.
(فقال: يا عديُّ، هل رأيتَ الحِيرةَ؟) كانت بلدَ ملوكِ العربِ الَّذين تحت حُكمِ آلِ فارسَ.
(فأجابه: لم أرَها، وقد أُنبِئْتُ عنها) أي: أُخبِرْتُ عنها
(قال: فإن طالَتْ بك حياةٌ لتريَنَّ الظَّعينةَ) وهي المرأةُ في الهَوْدَجِ.
(ترتحِلُ مِن الحِيرةِ حتَّى تطوفَ بالكعبةِ لا تخافُ أحدًا إلا الله.) والمقصود امان الطريق
(فأين دُعَّارُ طيِّئٍ؟) والدُّعَّارُ جمعُ داعرٍ، وهو الخبيثُ المفسِد، والمراد: قُطَّاعُ الطَّريق، أي: كيف تمرُّ المرأةُ على قطَّاعِ الطَّريق مِن طيِّئٍ غيرَ خائفةٍ وهم يقطَعون الطَّريقَ على مَن مرَّ عليهم بغيرِ جِوارٍ؟
(الَّذين قد سعَّروا البلادَ) أي: ملَؤوها شرًّا وفسادًا.
(لَتُفتَحَنَّ كنوزُ كسرى) والمقصود الفرس.
(لتريَنَّ الرَّجل يُخرِج مِلءَ كفِّه مِن ذهَب أو فضَّةٍ يطلُبُ مَن يقبَلُه منه، فلا يجِدُ أحدًا يقبَلُه منه) وذلك لانتشار المال وقيل ان ذلك في زمن عيسى عليه السَّلام.
(وليَلقَيَنَّ اللهَ أحدُكم يومَ يلقاه في القيامةِ وليس بينه وبينه تَرجمانٌ يُترجِمُ له) يكلمة الله مباشرة
(ألم أبعَثْ إليك رسولًا فيُبلِّغَك؟! فيقول: بلى يا رب) اي ارسل الله الرسل لهداية البشر
(ألم أُعطِك مالًا وأُفضِلْ عليك؟) مِن الإفضالِ، أي: أُحسِنْ إليك، بمعنى أعطيتُك المالَ ومكَّنتُك مِن إنفاقِه والاستمتاعِ به
(فينظُر عن يمينِه فلا يرى إلا جهنَّمَ، وينظُر عن يسارِه فلا يرى إلا جهنَّمَ) أي مصيرة جهنم
(اتَّقوا النَّارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ، فمَن لم يجِدْ شِقَّ تمرةٍ فبكلمةٍ طيِّبة) أي: فليجعَلْ كلُّ واحدٍ بينه وبين النَّار حاجزًا مِن الصَّدقةِ، ولو أن يتصدَّقَ بنصفِ تمرةٍ، فإن لم يجِدْ ما يتصدَّقُ فبكلمةٍ طيِّبةٍ تطِيبُ بها النَّفسُ، يرُدُّه بها ويطِيبُ قلبُه.
قال عدِيٌّ رضي الله عنه: فرأيتُ الظَّعينةَ ترتحِلُ مِن الحِيرةِ حتَّى تطوفَ بالكعبة لا تخافُ إلا اللهَ، وكنتُ فيمَنِ افتَتَح كنوزَ كسرى بنِ هُرْمُزَ، ولئن طالتْ بكم حياةٌ لترَوْنَ ما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبو القاسِمِ، يُخرِج، أي: الرَّجلُ، مِلء كفِّه، أي: مِن ذهَبٍ أو فضَّة، فلا يجِدُ مَن يقبَلُه.
في الحديثِ:
التَّرغيبُ في المبادرةِ إلى إخراجِ الزَّكاةِ وعدمِ التَّباطؤِ بها.
وفيه: التَّحذيرُ مِن التَّسويفِ في إخراجِها؛ لأنَّه قد يكون التَّأخيرُ سببًا في عدمِ وجودِ مَن يقبَلُها.
وفيه: مُعجزةٌ ظاهرةٌ مِن مُعجزاتِه صلَّى الله عليه وسلَّم بإخبارِه عن أُمورٍ غَيبيَّة.
وفيه: قَبولُ الصَّدقةِ ولو قلَّتْ.
وفيه: تركُ احتقارِ القليلِ مِن الصَّدقةِ وغيرِها، وألَّا يحقِرَ شيئًا مِن المعروفِ؛ قولًا وفعلًا، وإنْ قلَّ.
وفيه: أنَّهم كانوا يَشْكُون إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مِن عَيْلةٍ وقَطعِ طريقٍ وغيرِه؛ لِما يرجُون عنده مِن الفَرَج.
وفيه: دليلٌ على قُربِ النَّار مِن أهلِ الموقِف